هذه المشاركة عبارة عن قصة قصيرة أرجو أن تنال إعجابكم:-
المُنْشَتِحْ
لكم نبّهته كثيرا ولمرات عديدة ,وناصحته مراراً ليقلع عن تلك العادة القبيحة التي جعلت منه إنساناً مجرداً من المال والأصدقاء . لم يثبت معه من أصدقائه الذين كانوا لا يحصوا سواي!. بدأت أوضح له أن سر إستمرار صداقتي معه لا يعني بأي حال أنني ذكيّ وأنّ بقية أصدقائه الذين فضلوا الإبتعاد عنه بلهاء لم يفطنوا لهذا الإنسان اللقطة, ولا لأي سبب آخر أرجو من ورائه شيء من فائدة او مصلحة 0
- يا اسماعيل هسع انت شايفني الوحيد الفضلت معاك من بينات اصحابك الكُتار ديلك!.... كلهم فرُّوا منك وفاتوك!!!.. ما حصل سألت نفسك السبب شنو؟!..
- ما عارف يا أيمن! بالجد كده ... وريني السبب شنو؟؟!
- السبب انا الوحيد الفهمتك من بيناتم كلهم... وما فهمتك فهم ساي..... فهمتك على حقيقتك!!..
- فهمتني علي حقيقتي كمان...! كدي وريني حقيقتي دي لقيتا كيف!..
- حقيقتك دي لقيتا حقيقة عادية ..... انت مجرد انسان ذيك وذي كل البشر اللافة دى!...
- يا اسماعيل هسع انت شايفني الوحيد الفضلت معاك من بينات اصحابك الكُتار ديلك!.... كلهم فرُّوا منك وفاتوك!!!.. ما حصل سألت نفسك السبب شنو؟!..
- ما عارف يا أيمن! بالجد كده ... وريني السبب شنو؟؟!
- السبب انا الوحيد الفهمتك من بيناتم كلهم... وما فهمتك فهم ساي..... فهمتك على حقيقتك!!..
- فهمتني علي حقيقتي كمان...! كدي وريني حقيقتي دي لقيتا كيف!..
- حقيقتك دي لقيتا حقيقة عادية ..... انت مجرد انسان ذيك وذي كل البشر اللافة دى!...
هنا صمت حيناً وهو شاخص ببصره بعيداً نحو الأفق و دونما أن ينظر إليّ. ثم فجأة أخذ يعض بشفتيه وقد تقطب جبينه وانكمش ما بين حاجبيه . لقد هالني ذلك التلون المتسارع في ملامح وجهه وفي خلال لحظات قصيرة لدرجة أنني تهيبت من المزيد من الكلام , وجعلت أفكر في كيفية ما أو خدعة أستطيع بها تغيير مجرى هذا الحوار أو النقاش الذي خشيت أن يفلت عن نطاق سيطرتي ...! إلا أنه بادرني بسؤاله الصعب والذي لم أتردد أو أتلكأ في الإجابة عليه :
- طيِّب صحباني الكتار ديل خلّوني وهربوا مني عشان شنو؟!
- السبب بسيط جداً... لأنهم ما قدروا يفهموك!.... أو لأنهم دايماً بفهموك غلط!... انت معاي في الحِتة دي!؟...
- طيِّب صحباني الكتار ديل خلّوني وهربوا مني عشان شنو؟!
- السبب بسيط جداً... لأنهم ما قدروا يفهموك!.... أو لأنهم دايماً بفهموك غلط!... انت معاي في الحِتة دي!؟...
وبما لم أكن أتوقع انفجر سمير ضاحكاً, لم يكن ضحكاً إعتيادياً , بل كان أشبه بذلك النوع الهستيري المتواصل !. و جعل يضرب بباطن رجليه على الأرض و بكفيه على فخذيه , وأخذ يميل بظهره للخلف بقوة حتى يلتصق بالكرسي وتهوي قدماه مع رجلي الكرسي الأماميتين , ثم يميل للأمام حتي تهوي رجلا الكرسي الخلفيتين, وبطريقة غريبة مضحكة, إذا رآه فيها أحد غيري وهو في هذه الحالة لايشك أبداً في أنه مجنون قد غمره فرح المجانين. فبرغم أنني في البدء كنت أشعر بالإرتياح لكون أن ردة فعل الحوار الذي دار بيننا قد أخذت مجراها نحو الجانب المشرق .. جانب السرور والفرح ,إلا أنني سرعان ما تنبهت إلى غرابة وشذوذ ذلك الهياج من السرور والبهجة, وبدأت أتشكك في أن هذا الأمر ليس إلا مجرد نوبة من الجنون قد تقمصت تلك الموجة من البهجة والفرح الجنوني. وبدأت على الفور أفكر جديّاً في ضرورة كسر هذا الإستمرار و التواصل لتلك الموجة الرهيبة من الضحك و التصفيق والحركات الشاذة والغريبة, لإنني أيقنت تماماً ـ وبسابق تجاربي مع هذاالصديق التعيس- أنه إذا لم أتدخل سريعاً و بطريقة جيدة, قد يتطور الأمر إلى نوبة جنون حقيقية يصعب عليّ التعامل معها بمفردي. وربما أضطررت إلى حمل صديقي إلى ذالك المكان الذي يكرهه ولا يحتمل حتى مجرد أن يذكر أمامه إسمه. أخذت أضرب بيديّ على كتفه ثم بدأت أصيح باسمه عاليا:
- اسماعيل!..... إسماعيل.....! عاين ليّ جاي يا اسماعيل.....!!
لا أدري هل كان ذلك رد فعل ناجح أم أنني كنت مخطئاً في تقديري للأمر, وتوهمت أشياء لم تمت إلى الحقيقة بصلة فيما جرى لصديقي سمير. لقد دهشت حينما استجاب وعلى الفور إلى ندائي.. توقف فجأة عن ذلك الضحك الهستيري المجنون, وسكنت جميع أعضائه الهائجة, ثم التفت نحوي وهو يرمقني بنظرات ملؤها الجديّة والحزم لبرهة من الزمن, بعدها أردف ذلك بابتسامة ساخرة:
- ايمن....كلامك ده ذكّرني محاضرات الفلسفة ايامات الجامعة ... وكمان ذكرني دروس الوعظ والحكمة في الجوامع وزوايا الحي...! كنت متخيلك انسان ذكي..!
في حقيقة الأمر أصبت بالحرج و الإرتباك, لم أستطع أن أرد عليه بشيء سوى إبتسامة مهزوزة ونظرات تنطق بالحيرة والإنهزام... نظر سمير إلي ساعته وفجأة صاح:
- يا سلااااام الدنيا بقت نصاص الليل ... بعد كده يا أيمن حقو تمشي علي اهلك ... وانت عارف امك قعد تشفق عليك كتير...! وما تنسى بكرة تجيني بدري في المطار عشان تودعني!...
كان صباحاً شديد البرد... لم تخطئه عيناي وسط الجموع الكثيرة من المسافرين, رأيته وبقوامه النحيل ولون بشرته الشاحب وهو يحمل حقيبة رمادية هزيلة, كان يلتفت يمنة ويسرة, وما أن لمحني حتى أسرع مهرولاً نحوي:
- دابو كلامك وقع لي....! انت صاحبي الوحيد القِدر يفهمني....!!
- جيت اودّعك بعد ما فشلت اقنعك تخلي حكاية السفر دي وتقعد معانا.. كيف تخلِّي بلد أمك و أبوك وتقطع البحور ديك كلها عشان تنزوي براك في بلد غريب!.
- معليش يا ايمن ... سامحني ! الناس هنا بعاملوني بالماضي ..!ودايماً بتصوروني شبح مخيف غير مأمون.! يا أيمن أنا عاوز أبدا حياة جديدة في صفحة جديدة وفي بلاد جديدة!!.
- عاوز اوصيك يا اسماعيل...!.
- انت عارف تمام أنا ما بحب الوصايا والنصائح حتى في أسفاري القريبة في بلدي القاعد فيها دي ... هسع فكرك انا بقبلا في سفري البعيد ده..! اعذرني يا ايمن!...
لا أستطيع أن أصف لك ما إنتابني من مشاعر بالحزن والأسى لمصير ذلك الشاب الوحيد العنيد والمغلوب على أمره, وهو مقدم على تلك البلاد الغريبة التي لم يألفها. كنا صامتين وسط الهرج والمرج الذي كان يعم الصالة التي كانت تعج بالمسافرين والمودعين, أخذت أتأمل في جوازه الذي تناولته من يده بينما هو يتصفح في صحيفة كان يحبها, فطنت إلى شيء طريف لم أفطن إليه من قبل رغم أننا مكثنا أعوام عديدة في الجامعة ندرس في كلية واحدة. ...! من بين جميع البيانات الشخصية للجواز استوقفني أحد أسطر البيانات الذي جاء فيه:
الاسم رباعياً :- اسماعيل سالم مختار المنشتح..................................
أثناء الجامعة كنا نناديه بـ سمير وأحياناً بـ (سيمو) أما باقي الإسم فيما عدا اسم الأب فكنا نجهله تماماً,... هذا الاسم الرابع الخاص باسم الجد جعلني أنسى كل شيء يهتف بداخلي من مشاعر وأحاسيس كانت قبيل لحظات قلائل تتدفق حزناً وأسى لألم البين والفراق الذي سيحدث بعد لحظات!... التفت إليه :
- اسماعيل...! كدي قول لي اسمك كامل رباعي!
أطبق صحيفته التي كان يقرأ فيها ثم التفت نحوي وقال في هدوء تام :
- سمير سالم مختار المُنْشَتِح...
لم أملك أن إنفجرت ضاحكاً... ضحكاً شديداً ومتتابعاً, الضحكة تلو اللأخرى دون توقف, لإنني تعجبت لهذا الاسم الغريب الذي لم أكتشفه طيلة فترة دراستنا الطويلة بالجامعة , أما سمير فحول نظره عني الى صحيفته ولم يأبه لتخبطي ذلك, وعندما هدأت قليلاً نوبة الضحك التي تملكتني بادرته قائلا ومازحاً:
- قلت لي اسم جدك الرابع ده منو؟؟!!
التفت نحوي غاضباً :
- قلت ليك اسمو المُنْشَتِح .. أبوهو سمّاهو كده .... ما سميتو أنا عشان تعمل لي ضبانة من الصباح ياخي اصبحنا بالله ...!!
فازددت ضحكاً وهو ينظر اليّ متعجباً ومستغرباً وكأنه بدا يتشكك في صحتي العقلية, لكنني لم أمهله ليستغرق أكثر:
- والله لكن اسم جدك دا اسم عجيب خلاص !!..
قلت له ذلك وأنا غارق في ضحك فاضت منه دموعي, وانقطعت فيه أنفاسي, وتعثر معه الكلام..... رمى سمير بالصحيفة على الأرض وصاح فيّ غاضباً :
- يا زول هوي إنت جدي البتتكلم عنو ده ما حصل شفتو ولا بعرفو!.. ياخي كان قامت القيامة وقام الناس كلهم من القبور... جدي ده ما بعرفو لا بقدر اميِّزو من بينات الناس!!...
فقلت له هازئاً ومازحاً بعد أن فترت ـ وكادت أن تخمد- موجة الضحك الذي أثاره هذا الاسم العجيب المضحك:
- لا...لا... يا اسماعيل يوم القيامة أكيد جدك ده ح تعرفو!!..
فأجابني غاضباً وجاداً:-
- قول لي بعرفو كيفن؟!
قلت له في هدوء وبصوت منخفض وملؤه السخرية واللامبالاة:-
- مِنْ مَشْيَتُو...!!
إنفجر سمير ضاحكاً بعد أن كان قبيل لحظات غاضباً, ثم أنه أعرض عني وتناول صحيفته ليواصل تصفحها... فجأة صاح صوتٌ رجولي رخيم:
( علي المسافرين على متن الطائرة المتجهة إلى بغداد تحت السفرية رقم 2003 التوجه إلى صالة المغادرة) , قام سمير وعانقني مودّعاً :-
- أيمن انت عارفني ح اسافر وانا برضو عارف نفسي مسافر والاتنين متيقنين من الكلام ده...! لكن لا انت ولا انا ما بقدر يعرف هل انا تاني ح ارجع من سفري البعيد ده ولا ح تكون سفرة للأبد!!!....
ثم ولاني ظهره مسرعاً نحو الباب الذي يؤدي إلى صالة المغادرة , تبعته نظراتي إلى أن إنغلق باب الصالة وراءه!.
عدتُ أدراجي إلى البيت, .... لم أشعر قبلها بألم الفقد...! إلا الآن.... بعد ما صار الفقد حقيقة....!!.
وقفة بسيطة :-
انوه الى القراء الكرام الاطلاع الى هذه الكتب القيمة التي قلما تجدها مجتمعة!
قم بتحميل ما ترغب فيه منها وحاول قرائتها وعالج نفسك بنفسك بدلا من من اللجوء الى الدجالين والمشعوذين...
عافانا الله واياكم.... والكتب هي:-
10- حوار مع الجن
12- عالم الجن
14- الحصن الواقي
22- الفواكه الدواني
31- حوار مع الجن 2
32- ذم الموسوسين
38- فتح المنان
47- حوار مع جني مسلم
51-
و للمزيد من الكتب القيمة عليكم بهذا الرابط الجميل والرائع والمفيد جدا لأنه ملئ بالكتب القيمة والمثمرة والتي سوف لن تندم على قراءتها :-
مكتبة مجانية مليئة بالكتب المثمرة والقيمة
أغلب كتبك تافهة جدا وتنم عن تدني وعيك بشكل مريع ..
ردحذف