21ـ السر والمفاجأة الغريبة!
بعد ذلك توجهت علي الفور إلي منزل السر ودخلت مباشرة إلي الديوان. فعندنا هناك في القرية لا نعير إهتماماً كبيراً إلي (حكاية) الإستئذان هذه خصوصاً إذا قصدت في زيارتك هذا الجزء من المنزل الذي نسميه (ديوان), وهو يدخله دائماً الرجال, فإذا كان هناك في القرية من يهتم بأدب الإستئذان يكون ذلك فقط حين الدخول علي الحريم والنسوان .. والديوان عزيزي القارئ عندنا في القرية - كما فهمت - خاص فقط بالرجال سواء كانوا من الضيوف أو سوي ذلك من الزوار… وجدته راقدًا علي العنقريب, وقد طوي المخدة (الجيعانة) تحت رأسه خالفاً رجليه أحداهما فوقا الأخري وهو يستمع إلي الراديو :
- السلام عليكم!...
التفت نحوى منزعجاً وقد اندهش حينما رآني أمامه فجأة دون أي إشعار من بعد ينبهه بقدوم أحدهم نحوه:
- أهلاً العوض .. حبابك والله...! بركة الجيتنى هسّع ، علي شوية كنت مارق علي الحواشة . اللقّاط عملوا مشكلة مع الحاج قالوا ما بشتغلوا إلايديهم حقهم مقدم !
- انشاءالله خير الموضوع الناديتني ليهو شنو؟!
- يازول ها أنا مواضيعي دي كلها خير .. عليك الله مشيك معاي الخرطوم ده لقيت فيهو شنو غير الخير !
- والله الحمد الله ما اكون نكّار جميل مرقنا بفائدة...
- انا الليلة يا العوض داير اقول ليك كلام..... بس يكون سر بيني وبينك وماداير فوقو أي شمشرة !
ثم نهض من عنقريبه وتوجه نحو باب الحوش ( المكركب ) وأغلقه بقوة وثبته بحجر كبير دفعه نحوه بعنف حتي أنه أحدث إصطدامه بالباب الحديدي صوتاً كبيراً انتبهت له أمه التي كانت تعوس كسرة الفطور في التكل فصاحت به :
- ده شنو يا السر ولدي .. خبارك بتسد باب الحوش من الصباح !
إستاء السر منها و طنطن بعبارات ( الزهج ) والحيرة :
- يمي انتِ ماك خابرة الكلّاب السعرانة الايام دي حايمة ..هسع ده ذاعوا في الرادي وقالو الايامات دي وقت السعر .. الباب ده تاني ما تخلوه فاتح يدخل علينا كلب سعران يعوق فينا واحد...!
حاول تبرير موقفه بتلك التلفيقات التي عادةً لا يقتنع بها اهلنا في القرية .ضحكت أمه مما قاله وزعَمه, وعجبت من تلك الادعاءات: .
- والله انت يالسر ولدي مرات بتقطع لك حاجات من راسك ساي : كلب سعران شنو البسدو لُو الباب من دقش الرحمن ؟!....الله يهدينا ويهديك ياولدي!
- الله يهدي الجميع يمي ... الباب كان سدوه البحصل شنو ؟!
- هوي انا مالي ومالك؟ عليك الله اعملوا ترباس! . باقي انت بقيت خواف ذي ناس البندر الواحد بخاف من ضلوا !
إنفجرت ضاحكاً من هذا الحوار الظريف, الذي دار بين السر وأمه والذي كان السر يبدو فيه جاّدًا وغاضباً, وأمه تستنكر فعلته الغربية تلك ، فباب الحوش عندنا في القرية لايغلق إلا عندما يخلد الناس للنوم بعد تناول طعام العشاء في الليل , فالناس هنا ( أَهَلْ ) وأسرة واحدة كبيرة !
دخل السر الديوان وجلس علي العنقريب بعد أن قام بإغلاق الراديو.
- والله الحاجة دي الله يديها العافية ساي.. كلاما بقي كتير خلاص ! انا قفلت الباب ده خايف واحد من الشمشارين ديل يجي داخل علينا بلا خبار...لأنو الكلام الداير اقولو ليك ده سر شديد ما داير لي زولاً من الحلة يعرفوا .... !
- يا كافي البلا!! انت كاتل لك رقبة وانا ماعارف يا السر ولا شنو ؟! يازول خوفتني عديل كده !!
ضحك السر ثم صمت قليلاً :
- لا لا ياخي اعوذ بالله ! الموضوع : بسيط شديد! بس خايف من الناس البعملوا من الحبة قبة ديل .. تعال لي جاي العوض وارخي لي أدانك كويس واسمعني بس ما تقاطعني احدى ما أتم ليك القصة كلها !
بدأ السر يسرد في أصل الحكاية التي يريد أن يساررنى بها-لأنه يري ويزعم أن القصة في النهاية لا تخصه هو فقط, بل تشملني أنا أيضاً – أخذ يحكي وبتفاصيل مملة, مدعماً كل فقرة بكم هائل من التبريرات والإيضاحات التي تدعم موقفه وتقويه, وتجعله في مكانة الفقيه والعالم الذي يفتي لرعاياه وأتباعه بإباحة المحظور إذا ضاق الحال وتحقق الهلاك .. لم أتوقع أبداً أن يصدر مثل هذا منه, فقاطعته مراراً حتي كدت أن أخرج من عنده دون أن أنتظره ليكمل حكايته المخجلة والجبانه تلك, إلا أنه كان في كل مرة يرجوني ويستحلفني أن أصبر ولا أقاطعه حتي أسمع منه إلي النهاية!.
- العوض اخوي صلي علي الرسول ... حلّفتك بالله أقعد في السرير ده واسمعني بس... كان ما كملت ليك كلامي وعرفت الحاصل كلّو ما بتفهم قصدي شنو .. عشان كده عليك الله اصبر لي لامن أكمل ليك حديثي !!
قاطعته غاضباً:َ
- خلاص يازول واصل ... كمل كلامك كّلو ...
جلست علي السرير ثانية بعد أن كنت هممت بالخروج, وجعلت أستمع إليه وأنا غاضب, لا أكاد أميز مايقوله من التفاصيل الدقيقة والتعليلات, لأنني بعد ما فهمت أصل الحكاية وأساس المشكلة التي تورط فيها-وورطني فيها- مات في نفسي أي فضول لسماع المزيد, ولم تعد لديّ رغبة في الإنتباه لأستمع إلي تبريراته الساذجة والماكرة في ذات الوقت. شعرت بالخوف والإنزعاج !.. إذا فلت هذا الخبر الصاعقة - الذي فأجاني به السر- من بيننا وذاع في الحلة, سوف لن أسلم من تلك الجريمة الشنعاء.. فإذا برأني البعض لحسن سيرتي الذاتية, فإن الكثيرون لن يوافقوهم, بل يشكّون حتي في براءة الماضي النظيف الذي أحمله, فالذي يؤاخي المجرم ويتابعه في النهاية يعتبر مجرم ولابد, حتي ولو كانت الحقيقة هي علي عكس ذلك تماماً !
إنتهي السر من حديثه ثم توجّه إليّ بسؤال الختام:
- أها يالعوض بعد السمعتو ده كلوا... لي حق ولّى ما لي حق في الموضوع العملتو ده ؟ !
أجبته بحزم ونبرة تحمل كلّ الإستنكار والغضب:
- والله يالسر ولا ذرة حق ما عندك ، والله لوعارفك بتعمل العملة دي ما كنت تابعتك من الاوال ! ما الجواز ده هدا طرفي منو.. وسفر العراق ده بطلتو كلو كلو !.
ثم نهضت قائماً أريد الخروج .. إلا أن السر أمسك بيدي وحاول تهدأتي ودعاني إلي الجلوس لمزيد من النقاش والمفاكرة, علّنا نصل إلى حل لهذه المشكلة التي كان يراها بسيطة ولا تستحق كل هذه التهويل مني . وحين يئس في إقناعي بالجلوس همس في أذني :
- خلاص العوض الكلام ده سر بيناتنا أكتلو قبلو هنا ... كنت داير اقنعك لكن شايفك اتحمقت .. ما مشكلة نتقابل وكت تاني .
- أنت عارف يا السر أنا ما بقدر إتكلم بالكلام ده لأني كان رضيت ولا ابيت داخل في المشكلة!.... كان ما كده حرّم علا كان فضحتك بيت بيت وفريق فريق !.
ضحك السر ساخراً
- ليه لكن يا خوي العوض...؟ ياخي انت ماقريت في المدرسة: من ستر مؤمناً ستره الله في الدنيا والآخرة ؟!
خرجت دون أن أتلفظ بالمزيد من الكلام , وتبعني هو وفتح لي باب الحوش وأخذ يناديني وأنا ابتعد عن منزلهم :
- بكرة المسا انا جاييك في البيت يا العوض...
لم أهتم إلي ندائه وواصلت مسيري نحو البيت, والذي وصلته مهموماً مغموماً, كانت أمي قد أنتهت لتوها من (عواسة) الكسرة وأخذت تعد في ملاح الفطور ... كان هناك عنقريب علي (ضل الضحوية) جلست عليه أراقب إخوتي الصغار وهم يلعبون ويلهون كانت عيناي تنظران إليهما وقلبي ذاهل عن ما يقومان به من أصناف اللعب واللهو ... إنه شعور قاسي عندما تكتشف أن من تظن به الخير وتري فيه الثقة يريد أن يعبث بك ويورطك في جريمة دنيئة وخسيسة أنت برئ منها براءة الـ........ أدع لك باقي الجملة لتكملها بنفسك عزيزي القارئ وكيفما يحلو لك ! أيقنت أنني في مأزق كبير ليس له علي كل حال علاج أو حل, فمهما طال الإنتظار لابد أن يتسرب الخبر وينكشف السر, وهذا ما أقلقني وجعلني أفكر في طريقة ما للخروج من هذه الورطة . وجميع الحلول التي خطرت ببالي غير مجدية ولاتفيد في كشف هذه الغمة عني, وأخيراً استسلمت للواقع, وأوكلت أمري الي مالك الخلق وجعلت أكثر من الإستغفار وقول لا حول ولا قوة إلابالله, عسي أن يأتي الفرج القريب!.
اليكم اعزائي القراء هذا الرابط الهام:-
مكتبة علاج امراض الجن والشياطين
وقفة بسيطة :-
انوه الى القراء الكرام الاطلاع الى هذه الكتب القيمة التي قلما تجدها مجتمعة!
وقفة بسيطة :-
انوه الى القراء الكرام الاطلاع الى هذه الكتب القيمة التي قلما تجدها مجتمعة!
قم بتحميل ما ترغب فيه منها وحاول قرائتها وعالج نفسك بنفسك بدلا من من اللجوء الى الدجالين والمشعوذين...
عافانا الله واياكم.... والكتب هي:-
10- حوار مع الجن
12- عالم الجن
14- الحصن الواقي
22- الفواكه الدواني
31- حوار مع الجن 2
32- ذم الموسوسين
38- فتح المنان
47- حوار مع جني مسلم
51-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق