إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 6 مارس 2011

16- وداع


16ـ وَدَاع

    لم أصدق حينها أن الوقت قد مر سريعاً هكذا عندما تدرعت حقيبتي واضعاً حزامها علي كتفي, وكأنه قد أصابتني شائبة حزن والسر يبادل عم دفع الله كلمات الوداع:
-  أها يا عم دفع الله نفوتك بي سلامه .. عليك الله أدعو لينا واعفا مننا .. الدنيا مامعروفة ولامن نبقي علي السفر برة بنجي نودعك إنشاء الله -  وإنشاء الله ما آخر وداع !.
ودعته أنا الآخر... وأحسست أثناء ذلك كأنني أودع إنسان ألفته سنين طويلة ! هناك في الحقيقة نوع من البشر كأنهم ملائكة تجزع عند فراقهم حتى ولوكانت فترة تعرفك بهم ولأول مرة فى حياتك لم تدم لأكثر من يوم واحد فقط! فأنا أؤمن بالحديث الشريف:(الأروح جنود مجندة ماتشابه منها ائْتَلف وماتناكر منها اختلف)!
-  ودعتكم الله ياولادى ربنا يوفقكم ويوصلكم بالسلامة ماتنسو تسلموعلى أولادى و على ناس الحلة كلهم بدون فرز ... وكلمو أولادى وقولو ليهم مافى واحد يتعب يجى أول ماعلاجى يتم .... بجى دربى عديل على الحلة ... اها مع السلامة ربنا يسهل عليكم!.
خرجنا مسرعين ودخلنا الفرن  لنودع هجو الذى كان منشغلاً بعد الرغيف لأحد عمال عربات الكارو الذين يقومون بتوزيع الخبز..عندما لمحنا أنهى عملية العد والحساب :
-       ياناس هوي ! بقيتو مارقين خلاص ! ياســـلاااام !!
-   يازول كمان ماعندنا زمن .. بس نقولك مع السلامة عليك الله سلم لي علي الشلة كلها بعدما يجو من السوق!
-       يبلغ إنشاء الله .. أها قلت لي السفر للعراق متين عشان نكون متابعين .. !
-       بعد ما نستلم الجوازات بي أسبوع .. عشرة يوم بالكتير!
-       ماشاءالله شغلتكم نجيضة  تب كان كده !
 وبدأ هجو يسترسل في الحديث, ويوصينا بضرورة مقابلته قبل المغادرة للعراق ليرسم لنا خريطة التحرك داخل ذلك البلد المخيف والجميل في ذات الوقت, وحتي يعطينا عناوين الكثير من أصدقائه هناك, وليصف لنا أفضل المناطق التي تناسب السودانيين للإقامة والعمل ، والكثير من المقترحات والنصائح التي حسبتها مهمة وذات فائدة كبيرة للذين يدخلون لأول مرة في حياتهم تجربة الغربة خارج الوطن وبعيداً عن الأهل والأحباب . وأنا في الحقيقة أعجبني سرده وحكاويه عن تجاربه الشخصية أثناء إقامته في ذلك البلد, ووددت لو أنه يسترسل أكثر واكثر في حديثه, إلا أن السر كان عكسي تماماً فقد تململ, وبدأ يتضايق من ثرثرة هجو الطويلة في هذا التوقيت الضيق والغير مناسب... لذلك قاطعه قائلاً :
-  هجو أخوي حرم كلامك سمح لكن نحن ذي ما عارف ماشين لنا علي موضوع مهم وعاوزين نلفي المواصلات . لكن بوعدك نحن لازم نقضي معاك يوم كامل ومعانا كراس  نأخد منك المعلوميات كاملة .. أها مع السلامة ياهجو وما تنسي تسلم لينا علي الجماعة !
-       الله يسلمكم ربنا يوصلكم بالسلامة وسلموا علي ناس الحلة...!
 ودعنا هجو ثم ذهبنا مسرعين نحو سوق أم دفسو الذي يجاور الموصلات التي تؤدي إلى البوستة أم درمان . وهناك وقبل أن نقصد المواصلات, توجهنا إلى مسجد البرقاوي حيث أدينا صلاة العصر في جماعة كبيرة, إلا أنها لم تكن الجماعة الرئيسية الأولي .. لم نمكث كثيراً في المسجد بعد أداء الصلاة حيث قمنا علي الفور متوجهين نحو محطة المواصلات . ربما كنا محظوظين بعض الشئ, فالحافلة الصغيرة التي صعدنا داخلها كان قد تبقي لها ثلاثة مقاعد لتكتمل ، وبقي مقعد واحد فقط سرعان ما أتي أحد الركاب وشغله, فتحركت بنا الحافلة مسرعة نحو البوستة التي وصلناها في زمن وجيز, حيث يجب علينا التوجه من ذلك المكان إلي المحطة الوسطي مشياً علي الأقدام – فالمسافة ليست ببعيدة عن البوستة – حيث توجد مواصلات بحري . وعندما وصلناها وجدنا بصّاً كبيراً – أشبه ببصات تاتا  - في انتظارنا  والكمساري يقف بجانبه ينادي بأعلى صوته دون ملل :
-       بحري  . بحري .... آخر بص الحق مايفوتك...!
 صعدنا إلي داخل البص الضخم وعدد الركاب بداخله لايتجاوز العشرة, وعدد مقاعده حسب تقديري يتجاوز الأربعين مقعداً .. بقينا قرابة العشرة دقائق بداخله لكن التقدم في عدد الركاب كان بطيئاً,  مازال هناك أكثر من ثلاثين مقعداً فارغاً, رغم أن الكاسيت كان يصدح بإحدي الأغنيات الجميلة للفنان عثمان حسين إلا أننا مللنا الإنتظار, وخفنا الظلام أن يداهمنا لا سيما وأنه تنتظرنا (مواصلة) أخري بعد وصولنا إلى المحطة الوسطي بحري. نظر السر إلي ساعته ثم نظر ناحية صفوف التاكسي التعاوني التي كنت تقف في جانب من الموقف, ثم قال لي بعد أن نهض قائماً من مقعده :
-       انزلاكا يا العوض .. البص ده كان  تابعناهو بِوِدِّرْنا ساي في البلد الواسعة دي !
   نزلنا من ذلك البص ثم قصدنا إحدي عربات التاكسي الصفراء سعة 6 أو 7 ركاب كان متجهاً إلي بحري وقد تبقي له أربعة ركاب, وقبل أن نصعد بداخله إقترب السر من السائق وسأله عن وجهته وعن سعر الراكب, وسريعاً ما اقتنع بذلك, ثم صعدنا بداخله. لكننا أُضطررنا أن ننتظر عشرة دقائق كاملة, إلي أن جاء عدد أثنين من الركاب متفرقين ليكتمل التاكسي, بعدها تحرك بنا وتركنا البص ما زال واقفاً والكمساري يصيح بأعلى صوته إلي الغلابى, من مرتادي المواصلات الجماعية الرخيصة السعر ..المضيعة للوقت والعمر!.
وحينما وصل بنا التاكسي التعاوني إلي بحري المحطة الوسطي كانت الشمس تبدو عبارة عن دائرة حمراء كبيرة كاد محيطها أن يمس الأفق الغربي. كان السر دائماً يدفع في المواصلات, وعندما أسبقه وأدخل يدي في  جيبي لأدفع يصيح بي وبصوت عالي ممسكاً بيدي :
-       لا لا حرّم  ما تدفع .. ! ماتشيل منو يا الكمساري...
 فأستحي أن أجادله أمام الجموع من الركاب الذين بكافتهم يحملقون نحونا حينما يدور مثل ذلك الجدل العبيط الملئ (بالحليفة والحرامات)! وأنت صديقي القارئ تعرف أن السودانيين شعب يحب ( الشمار )!... لذلك أستسلم سريعاً لأُنهي ذلك الجدل المثير ( للشمشرة ) وأتركه ليدفع ! .. وأنا حسب علمي أن الكرم المعروف لدى العقلاء هو كرم الضيافة ببذل الطعام ومساعدة المحتاجين وغيره من مكارم الأخلاق التي تستدعي الكرم!, أما الكرم بالنقود والمال لمن قد لا يستحق ودفع الأجرة للغير في المواصلات, فهذا النوع من الكرم ربما لم يُشهد له مثيل في العالم, وبحسب ما أعتقد وأظن- أنه لا يفعل ذلك إلا السودانيون!... وأنا شخصياً لم أسمع عن مثل هذه العادة والبدعة الغريبة والعجيبة إلا عندنا هنا في السودان!......
وبعد أن إبتعدنا قليلاً عن مكان تجمع التاكسي أخبرني السر بأننا سنتوجه إلى مواصلات كوبر, ثم استطرد قائلاً:
-  عارفك جيعان يا العوض ...! وانا كمان جيعان اكتر منك..! .... لكن كان عملنا لينا موضوع اكل خلاص يانا تاني المالقينا مواصلات... والشمس دار تغيب تب!
-  ياخي يا السر ماممكن نخش على الناس في بيوتا جيعانين! دي عملية ما كريمة..! احسن نتريق لنا بي حاجة بعد داك الله كريم.. والبلد ياخي اصلو ما بتعدم المواصلات...!
-       حرّم كان قعدنا أكلنا والمغرب أذّن علينا هنا تاني ما بنحصِّل إلا الساعة 12 بالليل!.
   كنت أتلوّى من الجوع ... لكنني لم أستطع إقناع السر بتناول شئ من الطعام , بل كان يستحثنني على السير بخطوات أسرع نحو موضع المواصلات المقصودة !. وأنا أنفذ ذلك بصعوبة وجهد شديد.. فوخزات الجوع بدأت تطعن في كل أجزاء بطني, وصارت أمعائي تقرقر مصدرة أصوات غريبة ومخيفة ! , فالعصارات الهضمية قد أفرزت على معدة خالية من الطعام , الأمر الذي أربك ديناميكية جهازي الهضمي المضطرب الضعيف الصبر, حيث لا يحتمل أمر التأخير في أمر الوجبات!... لكنني تصبّرت وأظهرت الجلد ( والجعلي عدّى ليلو خنق) , فأسرعت الخطى مع السر نحو الموقف, رغم ضعفي وشعوري بالإعياء جرّاء الجوع الشديد!.
وأخيراً وصلنا إلى حيث المواصلات التي نقصدها, وعندما وضعت قدمي اليمني على باب الحافلة لأركب : كان هناك مقعد واحد فقط من مقاعد (النص) وتبعني السر وهو متعلق بباب الحافلة وقد أجال بصره يمنة ويسرة يبحث عن مقعد خالي!..ولكن لم يكن هناك سوى هذا المقعد الوحيد ليستحوذ به به أحدنا! مع أنني قد سبقت السر في الصعود إلى الحافلة , إلا أنني ظللت واقفاً وأومأت إلى السر ليجلس, لكنه رفض بإصرار وصاح بصوت عالٍ :
-       لا لا.. والله حرّم كان تقعد ...! اقعد ياخي يا العوض ...! يا زول انا الشماعة دي ذاتا بتكيّف لها!.
جلست بكل ثقلي على مقعد(النص) , فقد كنت متعباً , وتركت السر واقفاً (مشمِّعاً) إلى جانب الكمساري , كانت الحافلة منطلقة بسرعة شديدة جدّاً, وقد هزّت الركاب هزّاً, خصوصاً عند (الملفات) الضيقة أو عندما تمر بطريق وعرة , إلى أن صاح أحد الركاب  بالسائق:
-       يازول ماتسوق كويس.... ! ياخي انت شايل ليك ناس بني آدمين ماشايل بهايم...!
وتتابعت (الكواريك) والصياحات الرافضة لهذه القيادة الهوجاء للحافلة:
-       إنت يا زول جاري كده مالك لاحق شنو؟!
-       ياخي انت خلي بالك دار تكتلنا..! يازول هــــوي اعمل حسابك نحن عندنا عيال بنربي فيهُم!!
وأخذت الأصوات داخل الحافلة تتعالى بالصياح في السائق , وأخرى بالضحك من جزع أولئك المتخوِّفين من احتمالية( انقلاب) الحافلة و(شقلبتها) والتي كانت تجري بأسرع مما يجب وبأكثر مما تعوّد عليه هؤلاء الركاب , أخذ (السوّاق) يضحك ثم طمأنهم ورد عليهم بهدوء :
-  يا جماعة العربية دي نورا كعب ...! خلوني بس أعدِّي الشوارع الكعبة دي ... بعد ما اخش في الشارع السمح تاني بمشي بيكم براحة!.
لكن الركاب لم يقتنعوا بذلك العذر الواهي, ولاموه علي عدم جاهزية عربته, وتعالت أصواتهم أكثر, مطالبين إياه أن يخفض من سرعته تلك , لا سيما وأن الشارع كله (حُفَر) و(عالي واطي) , لكنه كان يماطلهم ويماشيهم كأنه بذلك يعاندهم ويسفه كلامهم, فقد كان يتمهل قليلاً عندما تحتد الحرب الكلامية , ثم لا يلبث أن ينطلق مسرعاً عندما يهدأ الركاب. وبدا للجميع أنه لا ينوي أن يسير بالعربة كما يريدون,لأنه دائماً يغتنم سهوة الركاب وهدوءهم فيزيد من السرعة وبأسرع من سابقتها ليعوض التأخير الذي  إضطره له هؤلاء الركاب الذين لا يفهمون!. وفي كل مرة كانت الأصوات تتعالي فيه بالصياح, ولكن في نهاية الأمر إنصاع لهم لكن بعد تلكؤ وعناد شديدين, واستمر كذلك إلي أن تجاوز الطريق الوعرة بعد ذلك, بدأ يزيد بحذر من سرعته وكلما سمع صوتاً يصيح به من الركاب خفض قليلاً من السرعة .. انحني السر نحوي وهمس في أذني :
-  الناس الغجر ديل كان خلُّو السواق ده يجري سريع مالو؟ ..هسع كان بنلفي المغرب مع موسي ود سعيد ... !
الصوت والضجيج الذي كان يصدر من ماكينة الحافلة ومن هيكلها (المهلهل) المتهالك تضطرك لأن تتحدث بصوت عالي حتي يسمعك من تتحدث إليه:
-  السر هـــوي الناس دي ظاهر عليها خايفة من الموت، امكن عندها وليدات وحاجات كتيرة في الدينا مُخوِّفاها!
-  عليك الله الموت ده بتحاش ؟! حرّم الموت كان جا لا بنفع سكات ولابنفع كواريك الناس دي أحسن تبطل الجرسة ساي!
فتدخل الراكب الذي كان يجاورني:
-  المسألة ما حكاية جِرسة يا شيخنا ولا خوف من الموت... الزول ده ياخي بسوق بي إهمال شديد ولا براعي لي زول... شوفو عليكم الله خجّ الناس ديل كيفن؟!.... الظاهر الناس الفي الحافلة ديل كلهم جعانين ما إتغدوا حرم كان فيها زول شبعان كان طرش جو الحافلة دي...!
 ضحكنا أنا والسر ضحكة مجلجلة وأجبناه بصوت واحد وكأننا كنا متفقين في كلمات العبارة التي إخترناها للإجابة بها عليه :
-       حرّم  في دي .. صدقت .. نحن القدامك ديل ما متغدين !
-       كلامكن صاح هو منو البتغدي الأيامات دي في السوق مع الكوليرا الحايمة دي .. !
فنشأ حديث وثرثرة طويلة بين السر وهذا الرجل الذي يجاورني, من ذلك النوع الذي عادة ما ينشأ في الحافلات بين بعض الثرثارين والمتشدِّقين في الحديث من الركاب خصوصًا من صنف الرجال. لم أهتم بهما ولم أشاركهما في ذلك الجدل, فقد كان يدور داخل بطني ما يشغلني عن كل ذلك من القرقرة والطواعين! حل الظلام سريعاً وبدأت مصابيح المدينة تنير, وصارت الأضواء تنعكس بشدة علي وجوهنا من حين لآخر من أنوار السيارات القادمة من الإتجاه المعاكس . فجأةً توقفت الونسة التي كان يقود دفتها السر, وبدأ ينظر من خلال زجاج الحافلة إلي يمناه ثم ربت برفق علي كتف الكمساري :
-       اسمعني يازول نزلنا المحطة الجاية ديك..
توقفت بنا الحافلة في المحطة المقصودة, ونزل معنا هناك ثلاثة ركاب آخرين حيث أنه كان أول توقف لها منذ انطلاقتها من المحطة الوسطي .. وودع السر زميله في الونسة الذي مازال قابعاً في مقعده علي الحافلة ولوح إليه بيده:
-       مع السلامة يازول تصل بالسلامة أن شاء الله....
مضي لآذان المغرب قرابة نصف الساعة والعشاء يقترب ولم نصلي المغرب بعد, ولا يبدو أمامنا أي مسجد, ونحن في بداية إنطلاقتنا متباعدين عن تلك المحطة التي نزلنا عندها متوغلين إلي داخل الحي :
-       السر اخوي هوي كان البيت لسع بعيد أحسن تشوف لنا طريقه صلاة ! المغرب بالطريقة دي بروح علينا!
-  البيت النصيحة كده عليهو شوية . لكن في زاوية هنا قريبة .. إنشاء الله بنلفي فيها المغرب قبال مايفوت !.
يبدو لي أن هذا الحي يقطنه الأثرياء والموسرين من التجار والموظفين, فجميع المنازل علي ما أذكر من الطوب الأحمر, وتكثر فيها المنازل العالية من طابق أو طابقين ولانكاد نتخطي منزل أو منزلين إلا ونجد أمام الثالث عربة فخمة تقف أمامه . والأنوار تشع ساطعة أمام البوابات الضخمة ، وبينما أنا مبهور تائه في تلك البهارج والأضواء, صاح بي السر وقد إنعطف يميناً نحو أحد شوارع الحي الفرعية:
-       يازول ماش وين انت؟ ..غايتوالزول البتابعك بتضهبو تب الشي ماش ساااا ي؟!
إكتشفت أنني ذهبت لمسافة تقارب مائة خطوة أمامي, والسر قد إنعطف يمين ذلك الشارع و أنا (ما جايب خبر )!
-       حرّم كان ما صفقت لي... كنت ماشي طوالي حرم علا كان توقفني البقالة الكبيرة القدامي ديك!.
 الشارع الذي انعطفنا داخله كان ضيقاً ومظلماً بعض الشئ, وبعد أن توغلنا فيه لمسافة أكثر إسترعي إنتباهي سياج أنيق من الطوب الأحمر أمام أحد البيوت وداخل هذا السياج يجلس بعض (أعمامك الشياب ) علي فرشات أنيقة يتحدثون... إتجه السر نحوهم وسلم عليهم عالياً :
-       السلام عليكم ياسادة هوي !
-       عليكم السلام .. اتفضلوا!
-       عايزين نصلي ياجماعة .. انشاالله يكون عندكم مويه للوضو!
-  الموية في ..تعالو جاي ...يا ولد ياحسين شيل ليك أبريقين املاهم موية .. مالكم أخرتو الصلاة كده يا اولادي....
-       والله ياعمي نحن مسافرين والزمن سرقنا...
  أحضرت الأباريق سريعاً ونادي بي السر:
-  تعال جاي انَّتْوَضَّا العوض .. عليك الله شوف الزاوية دي مجيّهِنََّها كيفن ؟!     حرّم ما ساعلة في الجامع حق حلتنا ذاتو !.
سابقنا الزمن وصلينا المغرب سوياً, السر كان الإمام وأنا المأموم . وبعد فراغنا من الصلاة, ودعنا (الشِّياب) الذين دعونا ليستضيفونا وسألونا ما إذا كنا غرباء لا نعرف أحداً هنا، فإن كان الأمر كذلك فإنهم مستعدون ليدبروا لنا طريقة ما للمبيت!. وبدا لي هذا الأمر غريباً مما سبق لي شرحه لك عن طباع أهل المدن, بالفعل نحن هنا غرباء.. لكننا نعرف وجهتنا جيّداً, شكرنا لهم ذلك الشعور الطيب. ولم نستطع شرب جرعة واحدة من الماء البارد الذي أحضروه لنا...! فالبطن الجائعة لا تحتمل الماء البارد . فحاجتنا إلي الطعام كانت شديدة وملحة . ثم أننا بعد ذلك واصلنا مسيرنا نحو منزل موسي ود سعيد والسر يقودني وأنا لا أفهم شيئاً عن وجهته أو مكانه.. فقط كنت أتمني أن يصادفنا سوق صغير أو مطعم في هذا الحي حتي نستطيع أن نسكت جوعنا, لكن الأمور تبدو أنها تسير علي غير ما أريد فقد طال بنا السير دون أن أري شيئاً من ذلك :
17ـ منزل التوم ود سعيد
السر اخوي هوي دحين ما في مطعم و




وقفة بسيطة :- 

انوه الى القراء الكرام الاطلاع الى هذه الكتب القيمة التي قلما تجدها مجتمعة!
قم بتحميل ما ترغب فيه منها وحاول قرائتها وعالج نفسك بنفسك بدلا من من اللجوء الى الدجالين والمشعوذين...
عافانا الله واياكم.... والكتب هي:-



















































51- 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق