إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 7 أغسطس 2013

13- صاحب الضريبة





13ـ صاحب الضريبة
-         ياهجو... عووك ...! سيد الضرائب منتظرك .. قال عايزك هسع!! .
عندما طرقت أذني تلك الكلمات ظننت أن الأمر قد أصبح سيئاً للغاية, وأن هجو الآن استحال عليه أن يخبئ نفسه من صاحب الضريبة!!, لكن ربما  سيلجأ إلي أي وسيلة أخرى ممكنة حتي يتهرب من هذه الضرائب الكثيرة التي لا عدّ ولا حصر ..! وحنقت جدّاً علي هذا العامل (الأهبل ) الذى صاح له بإسمه وبأعلي صوته مؤكدّاً لموظف الضرائب أن هجو موجود وفي مكان قريب جدّاً!, بل كان الأجدر بهذا العامل أن يأتي خلسة إلي هجو ويهمس في أذنه همساً ، فالأمر هنا حساس والموضوع خطير, لأنه يخص الحكومة.... ( حكومة والناس مظلومة!! ) وتيقنت عندها أن هجو صار في مأزق كبير معالجته أقرب للمستحيل ...! لكنه بهدؤ نادى بالعامل:
-         أمشي قولو الزول ده جاى عليك هسع !
فقلت لهجو :
-   غايتو زولك بتاع الفرن ده حبة فهم ماعندو ... هسع ماخلاص رماك تب في ناس الضرائب الما برحمو ديل!.
-   والله أقولك حاجة يالعوض...  حرّم قرش واحد ما عندى ليهم .. لكن غايتو بمَشِّيهم .. ها زول ها... ما تشوف الهيلمانة ورفع النخرة ده .. عصرة بسيطة بِتْمَشِّيهُم ..!
 ثم أنه قام وأخذ الصحن الفارغ بيده وطلب مني أن أذهب معه :
-   قوماك معاى العوض عشان تجيب الشاى والقهوة لي عمّنا دفع الله، باقي أنا تاني مابقدر أجي إلا بعد العصر !
خرجنا سوياً وبدلاً من أن يذهب بي أولاً إلي الفرن, حيث ينتظره مسئول الضرائب إلا أنه توجه بي دون تردد نحو ست الشاى وهو مازال يحمل الصحن بإحدى يديه :
-         يازول حرّم كان ما وزنت راسي ده بي كباية شاى... حرّم ما بمشي علي حرامي الحكومة ده ...!
-   يا هجو أخوى أعقل شوية .. ياخي انت ناقص مشاكل .....ياخي أمشي شوف زولك ده بعدين تعال شوف موضوع الكيف!.... الشاى ملحـــوق لكن الزول ده كان إتسلبط فيك إلا يجهجهك ويجهجه الجماعة المعاك ديل كلهم !!..
ضحك هجو ضحكةً ملؤها السخرية والإستهتار, فهمت منها عدم إهتمامه الشديد للأمر:
-   العوض اخوي: صلِّي علي الرسول !.. أرح نشرب لنا شاى بعد داك الباقي علي الله .. انت قايل ناس الضرائب ديل أول مرة يجوني؟ جوني كتير خلاص وبعرفوني كويس  .... وأنا فهمتهم ليك خلاص ! بقيت أعرف أجيِّهم ليك !
عندما سمعت ذلك منه شعرت بالإطمئنان ، وإنزاح عن كاهلي ثقل ذلك الشعور المرير بخطورة المشكلة القادمة إذا ما تلكأ هجو في تلبية هذا النداء الحكومي لأداء الحقوق السلطانية وما يترتب عليه من تهمة التجريم, التي حتماً سيعقبها عقاب رادع وربما ظالم لا يطيقه هذا المسكين, الذى ربما لايفهم الكثير عن معني ومفهوم أن يناديك عامل السلطان والدولة لأداء بعض الحقوق السلطانية المفروضة عليك كمواطن : لأن معني ذلك أن تلبي النداء فوراً ودون تردد أو تلكأ, وإلا فأنت مناوىء أومعارض يتوجب عليك أن تتحمل عقوبة ذلك الوزر الكبيرولا عذر لمن أنذر !!.
   جلسنا عند ست الشاى وجعلت أرتشف الشاى بسرعة, ولم أضع الكوب عن يدى ،أما هجو فكان يشرب بتمهل غريب كأن الأمر لا يعنيه، إذ كان يأخذ عدة رشفات ثم يضع الكوب هنيهة ثم يتناوله ويرتشف عدة رشفات أخرى ثم يضعه, وهو يتحدث ويمزح مع ست الشاى, التي كانت حاجة كبيرة إلا أنها ثرثارة سليطة اللسان سريعة النكتة ! وعندما وضعت كوبي فارغاً علي المنضدة القزمية الموضوعة أمامنا, مازال كوب هجو في منتصفه.... ثم أنه  تذكر عم دفع الله:
-         ياحاجة أم بلة عليك الله جهزي لِكْ  كباية شاى وجبنة  صغيرة عشان الشاب يوديهن لي حاج دفع الله!
-   الحاج أصبح كيفن ما اتحسن شوية؟!...  زولك ده ياهجو حرقتو ليهو دمو بالجبنة الكتيرة دي...!  إنتوا ما تجيبو ليهو فواكه عشان يقوم ليكم من العنقريب...! بس طوالي مِزازِنو بالفتة والشاي الاحمر والجبنة !.. عاد بي كدة دايرنو يبقى ليكم كويس كيفن...!
-   يازولة هوي لمي عليك لسانك الطويل ده.... وبعدين ده ما شغلك ... الحاج هسع طلبو جبنه بس...والفواكه البتقوليها دى مابدورها ولا قاعد يطلبا ذاتو...!
   لم يمر وقت طويل فإذا بهجو يتوجه بصحنه الفارغ نحو الفرن .. وأنا بصينية صغيرة بها كوب من الشاى (السادة) و(جَبَنِيَّة) صغيرة نحو المنزل !... عندما وصلته وجدت الحاج نائم وهو يشخر.. تعجبت من ذلك, فأنا لم أقضي وقتاً طويلاً منذ أن فارقته مع هجو... إذ لم يمضي من الوقت سوى ما يتجاوز نصف الساعة بقليل !.. لم أتردد في إيقاظه لأن هجو قد أوصاني أن أفعل ذلك إذا صادف أن وجدته نائماً :-
-         عم دفع الله .. أصحا .. الشاى والجبنة...! قوم  أشرب في سراع قبال ما يَبُرْدَن !
قام الحاج بهدؤ وبدأ أولآ بالشاى :
   ثم أنني بعد ذلك توجهت نحو العنقريب وكلي شعور بالفتور والكسل ثم إستلقيت عليه , وجعلت أفكر لماذا تأخر السر ولم يأتيني إلي الآن والساعة تجاوزت الثانية عشر ظهراً والمكاتب الحكومية بعد هذا التوقيت ستبدأ في إغلاق أبوابها ، وقد وعدني هذا ( الإطيقس ) بأن نذهب اليوم إلي مكتب الجوازات والهجرة لتكمل إجراءات إستخراج الجواز ورغم أنه لم يتحقق لي بعد عدم وفائه بوعده ، إلا أن قدومه بعد هذا الوقت سوف لن يكون من ورائه فائدة, لأن دوّام العمل الحكومي قد قارب النهاية حتي لو أنه لو قدم الآن وفي هذه اللحظة... أيضاً سوف لن يجدى الأمر ! إمتلأت شعوراً بالملل والإحباط ثم أنني تناولت الجريدة المرمية علي طرف العنقريب وجعلت أواصل في قراءة ما تبقي منها مما لم أقرأه .. أحسست بالتخمة والإمتلاء .. بدأت أشعر بالنعاس وصرت أفتح عيناى بصعوبة أثناء قراءة الجريدة لحظات قلائل فإذا بي أسبح في عالم النوم النهارى!.



اليكم اعزائي القراء هذا الرابط الهام:-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق